قصتنا
التاريخ
النحل والعسل كان جزءً لا يتجزأ من حياتي منذ ان بلغت السنوات الأولى من حياتي . حيث كنت ارافق والدي دائما الى مناحل العسل الخاصة بالعائلة ، ومنذ ذلك الوقت تعلمت حب العسل وعشق النحل .
العسل موجود في منزلنا بشكل دائم في نظامنا الغذائي و في وجبات الافطار والعشاء ، نستخدمه في الحلويات وتحلية المشروبات ، اما في حالة المرض فكان يفرض وجوده دائما مع المشروبات الساخنة وخلطات الأعشاب.
لا اذكر تماماً كم كان عمري عندما فتح والدي امامي خلية نحل للمرة الأولى ، لأرى ذلك المشهد المهيب لمئات وألاف النحل الذي يدوي ويطن بقوة و نشاط .
سألت والدي مستغرباً ، هل النحل يتكلم يا أبي؟
نعم !! وهل تفهم ماذا يقولون ؟
فضحك وقال نعم … وانت سيأتي يوما وستفهم لغتهم .
لطالما رافقت والدي الى مناحل العسل التي كانت تنتشر في جبال سوريا ، لننقل الخلايا من مكان الى مكان ، حتى نحصل على عسل مفعم بنكهات مختلفة ، ورائحة عطرية قل نظيرها .
علمني والدي الكثير وتعلمت من النحل الكثير لذلك فهمت جيداً قيمة العسل وادركت اهميته منذ طفولتي.
كبرت وكبر معها اهتمامي ب النحل و العسل ، حيث عملت فيه لأكثر من 30 سنة ، و زاد من خبرتي المهنية انتقالي الى الدنمارك في طبيعة غنية متنوعة فريدة من نوعها لأكمل حلمي ومسيرة والدي المهنية.
أبي …. أنا الأن افهم لغة النحل .
عبد الغفار قعبور / الدنمارك


المستقبل
علاقتي بالعسل .. ليست اكثر من ملعقة طعام ممزوجة في كوب من الحليب الساخن .
لا ازال اذكر ابتسامة الرضى على وجه والدتي كلما اكملت الكأس كاملاُ. ابتسامة اكاد اراها في وجوه جميع الامهات اللواتي يرغبن برؤية اطفالهم اصحاء ويحرصن على تغذيتهم بالطريقة الصحيحة.
اكثر من 40 عاماً وانا لا ارى في العسل الا ملعقة تذوب في كوب من الحليب الساخن، قد تكون النظرة ضيقة نوعا ما ، لكنها جياشة بالعواطف والذكريات الطفولية ، من منا لا يملك هذه الذاكرة التي تعيد لك أيام الطفولة .
لم اكن اتوقع يوما ولا حتى في احلامي ان تتطور وتتطرف علاقتي مع العسل والنحل الى هذه المرحلة .
عندما قابلت عبد الغفار عام 2020 اول مرة ، رأيت في عينيه محبة لعمله لم اراها في حياتي لأحد .
كان يشرح لي وبأدق التفاصيل عن حياة النحل المعقدة و ادارته الدقيقة لهذه المملكة الخاصة و عن كيفية انتاج عسل عالي الجودة غني بالقيمة الغذائية ، كان يتكلم معي وكأنه يتحدث لأول مرة عن عمله ، مع اني متأكد انه سبق وتكلم بنفس الموضوع مئات المرات .
-هل تعرف عسل الهيذر ؟؟
-قلت له : لا
-قال اذا يجب عليك ان تجربه.
ابتسمت ، حملته معي وغادرت شاكراً.
لا اعرف في حياتي المهنية غير ادارة التسويق والمبيعات ، لطالما برعت في ذلك ، عدا عن عملي مديراً تنفيذيا لكثير من الشركات في الإمارات و الأردن ولبنان ، و ساعدني وجودي في الدنمارك على صقل مهاراتي في عالم الاعمال .
-هل لديكم وظيفة لي ؟ قلتها بعد اول اتصال هاتفي بيننا .
-المصنع كله لك …. قالها لي عبد الغفار ضاحكاً
-واضاف نحن بإنتظارك
هذه المكالمة السريعة ، كانت بعد ملعقة العسل الاولى من عسل الهيذر.
يبدوا ان لدينا أكثر من مجرد عسل.
وهيب الحراكي – الدنمارك